الموضوع: لكل مثل حكاية
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2018, 04:07 PM   #55



الصورة الرمزية أبتسامة أمل
أبتسامة أمل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 543
 تاريخ التسجيل :  Aug 2010
 أخر زيارة : 01-29-2024 (11:03 PM)
 المشاركات : 8,275 [ + ]
 التقييم :  5309
 معدل التقييم : أبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond reputeأبتسامة أمل has a reputation beyond repute
 مزاجي
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkgreen
عدد الترشيحات : 4
عدد المواضيع المرشحة : 2
رشح عدد مرات الفوز : 2
شكراً: 861
تم شكره 1,107 مرة في 612 مشاركة
افتراضي رد: لكل مثل حكاية



احترنا يااقرع من وين بدنا نمشطك


دخلا المنزل وهما يتناقشان بصوت عالٍ، يتضاربان بشدة، حطما كلَّ الأشياء، ثم صمتا قليلاً وما لبثا أن جلسا يضحكان ويتحدثان بسعادة، ثم سرعان ما انقضّا على بعضهما ونشبت المعركة.
أشكالهما مريبة وفظّة، متشابهان في الطول والهيئة، رأس كبير متموج أقرع لا تشوبه شعرة فبدا كطنجرة النحاس المستديرة، عيناهما مرعبة وجاحظة، الوجه متجعد والأنف غليظ غير متزن كحبة الباذنجان، والصلعة الملساء تلمع على بصيص نور المنزل الخافت.
مزقا كل شئ في البيت، حطّما الثلاجة والتهما الطعام والشراب بشراهة، يتلذذون بالتهام الفاكهة المتسللة على جنبات شفاههما الغليظة، وينظران إليه وقد استلقى على سريره يراقب ما يحدث بخوف شديد.
لم يستطع التدخل لإنقاذ منزله من شراستهما، بل إنّ الرعب شلّ أوصاله عن الحركة، ورائحتهما الكريهة تسببتْ له بدوار جعل الأشياء من حوله دوامة غير منتهية.
تعاركا طويلاً وتسامرا في مواضيع كالطلاسم، وهو.. ينظر بعين الدهشة والرعب، دمرا المنزل والتهما كلَّ شئ، الكتب والأقلام والملاعق والصحون، حتى القمامة لم تسلم من شراهتهما المفرطة، حزما أمتعة المنزل المتبقية بالكامل وتنازعا على تقسيم الغنائم فاهتز المنزل بعراكهما، وهو يراقب دون الجرأة على التدخل، سحباه من فراشه وطلبا منه أن يحكم بينهما بالعدل وعيناي كلِّ واحد منهما ترشقه بسهام التهديد، فلم يستطع الحكم خوفاً من بطشهما، ودارت المعركة من جديد بين الأقرعين، ثم عمّ الهدوء وملأت سعادتهما المكان فاهتز المنزل على ضجيج القهقهات غير المنتهية، أما " هو " فمازال يراقب الأحداث دون أن يتخلى عن وجله. اقتسما الغنائم واختلفا على ممشطة الرأس الوحيدة في المنزل، الأقرع الأول يريدها والثاني كذلك وما من حلٍّ إلا العراك من جديد، لكنه كان العراك الأكثر ضراوة ووحشية من السابق، ثم عمّ الهدوء مجدداً وطلبا منه عنوةً أن يحكم لأيّهما ممشطة الرأس.
عيناهما ترقبه بالتهديد المخفي، رمى الممشطة وحاول الهروب لكنه وقع في أيديهما وتمّ ربطه إلى السرير.
دار العراك بينهما لينتهي إلى صمت طويل وهو يحملق في هذا الجو مستغرباً من عراك دموي على ممشطة لرأسين أقرعين.
فكا قيده وأمراه أن يمشّط رأسيهما، لكن الخلاف الجديد بمن سيبدأ العمل؟.
بأي صحراء جرداء؟.
قال الأقرع الأول : رأسي مليء بالقضية الدينية الأهمّ في الحياة ويجب تمشيطه أولاً، فانتفض الأقرع الثاني وقال:رأسي يمثل القضية القومية الأكثر أهمية فرأسي أهمّ من رأسك المتطرّف.
وبعد حرب طاحنة انتشرت الابتسامة على الشفاه وأُقيم حوارٌ للمصالحة بين الرأسين الكبيرين انتهى إلى أن تُقسم الممشطة مناصفةً ويمسك " هو " كلَّ قسم بيد ويبدأ بتمشيط رأسيهما معاً في لحظة واحدة.
وجاء العراك الطاحن من جديد لبحث كيفية التمشيط، فالأقرع الأول يريد أن يتم تمشيطه باليد اليسرى لكن الأقرع الثاني رفض قائلا: أنا من سيُمشّط باليد اليسرى وأنت باليمنى لأنك يمينيٌّ
متطرف،غضب الأقرع الأول وصرخ:وأنت يساريٌّ ملحد.
اشتدتْ المعركة و"هو" يقف في الوسط لا يستطيع حلّ القضية المستعصية بين الرأسين المتموجين بالجبال والمطبّات الاصطناعية.
ماذا يفعل وله يدان اثنتان (يمنى – يُسرى) ولو كان له أخرى في الوسط ربما انتهت المشكلة بينهما.
انتظر حتى أُقيم حوارٌ أخوي جديد بينهما فعمتْ الابتسامة مجدداً وأقرتْ طاولة الحوار البيانَ الختاميَّ ضمن تشابك بين أيدي القضيتين على أن يتم تمشيط رأس القضية الدينية باليد اليمنى والقومية باليد اليسرى
مدة محددة زمنياً ثم التبديل في عملية
التمشيط بشكل عكسي مدة زمنية متساوية مع المرحلة الأولى،
وهكذا يتم التبديل إرضاءً للرأسين المتنافسين على اقتسام الغنائم،
وسيقوم "هو" بتمرير الممشطة بقسميها على الرأسين باتجاه واحد وحركة متشابهة على تلك التضاريس المعقدة.
كان "هو" يؤدي عمله بانتظام خوفاً على رأسه من البتر في معركة قد يشتعل أوارها في أيّ لحظة.
ما زال التنديد والشجب والاستنكار يسيطر على الأجواء من أقرع(1) وأقرع(2) وفحيحهما يتزايد تحت أسنان الممشطة، هذا يقول له: آآآآآخ آلمتني يا بغل،
والآخر: آآآآي يا حمار يا غبي لقد جرحت قرعتي
... آآآآه و آآآي و آآآخ ..والحياة مستمرة بين القرعتين،
ويداهُ ترتعشان، والحيرة تأكله:
كيف يكون التمشيط المثالي للرؤؤس الجرداء؟؟؟؟.
ومنذ ذلك الحين نشأ المثل الشعبي المعروف:
" احترنا يا أقرع من وين بدنا نمشّطك ".


 
 توقيع : أبتسامة أمل

🌷🌷🌷🌷


رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ أبتسامة أمل على المشاركة المفيدة:
 (02-04-2018)