#1
|
|||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||
دع عنك الصبا
فدَعِ الصِّبا فلقد عداكَ زمانُهُ و ازهَد فعمرُكَ مرَّ منه الأطيبُ ذهبَ الشبابُ فما له منْ عودةٍ و أتَى المشيبُ فأينَ منهُ المَهربُ دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمنِ الصِّبا و اذكُر ذنوبَكَ و ابِكها يا مُذنبُ و اذكرْ مناقشةَ الحسابِ فإنه لا بَدَّ يُحصي ما جنيتَ و يَكتُبُ لم ينسَهُ الملَكانِ حينَ نسيتَهُ بل أثبتاهُ و أنتَ لاهٍ تلعبُ و الرُّوحُ فيكَ وديعةٌ أودعتَها ستَردُّها بالرغمِ منكَ و تُسلَبُ و غرورُ دنياكَ التي تسعى لها دارٌ حقيقتُها متاعٌ يذهبُ و الليلُ فاعلمْ و النهارُ كلاهما أنفاسُنا فيها تُعدُّ و تُحسبُ وجميعُ ما خلَّفتَهُ و جمعتَهُ حقاً يَقيناً بعدَ موتِكَ يُنهبُ تَبَّاً لدارٍ لا يدومُ نعيمُها و مَشيدُها عمّا قليلٍ يَخربُ فاسمعْ هُديتَ نصيحةً أولاكَها بَرٌّ نَصوحٌ للأنامِ مُجرِّبُ صَحِبَ الزَّمانَ و أهلَه مُستبصراً و رأى الأمورَ بما تؤوبُ و تَعقُبُ فعليكَ تقوى اللهِ فالزمْها تفزْ إنّ التّقيَّ هوَ البَهيُّ الأهيَبُ و اعملْ بطاعتِهِ تنلْ منهُ الرِّضا إن المطيعَ لهُ لديهِ مُقرَّبُ و اقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ و اليأسُ ممّا فاتَ فهوَ المَطْلبُ فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ فلقدْ كُسيَ ثوبَ المَذلَّةِ أشعبُ و ابدأْ عَدوَّكَ بالتحيّةِ و لتَكُنْ منهُ زمانَكَ خائفاً تترقَّبُ و احذرهُ إن لاقيتَهُ مُتَبَسِّماً فالليثُ يبدو نابُهُ إذْ يغْضَبُ إنَّ العدوُّ و إنْ تقادَمَ عهدُهُ فالحقدُ باقٍ في الصُّدورِ مُغيَّبُ و إذا الصَّديقٌ لقيتَهُ مُتملِّقاً فهوَ العدوُّ و حقُّهُ يُتجنَّبُ لا خيرَ في ودِّ امريءٍ مُتملِّقٍ حُلوِ اللسانِ و قلبهُ يتلهَّبُ يلقاكَ يحلفُ أنه بكَ واثقٌ و إذا توارَى عنكَ فهوَ العقرَبُ يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً و يَروغُ منكَ كما يروغُ الثّعلبُ وَ صِلِ الكرامَ و إنْ رموكَ بجفوةٍ فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصوَبُ و اخترْ قرينَكَ و اصطنعهُ تفاخراً إنَّ القرينَ إلى المُقارنِ يُنسبُ إنَّ الغنيَ من الرجالِ مُكرَّمٌ و تراهُ يُرجى ما لديهِ و يُرهبُ و يُبَشُّ بالتَّرحيبِ عندَ قدومِهِ و يُقـامُ عندَ سلامهِ و يُقرَّبُ و الفقرُ شينٌ للرِّجالِ فإنه حقاً يهونُ به الشَّريفُ الأنسبُ و اخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهمْ بتذلُّلٍ و اسمحْ لهمْ إن أذنبوا و دعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً إنَّ الكذوبَ يشينُ حُراً يَصحبُ و زنِ الكلامَ إذا نطقتَ ولا تكنْ ثرثارةً في كلِّ نادٍ تخطُبُ و احفظْ لسانَكَ و احترزْ من لفظِهِ فالمرءُ يَسلَمُ باللسانِ و يُعطَبُ و السِّـرُّ فاكتمهُ و لا تنطُقْ بهِ إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ و كذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لمْ يُطوهِ نشرتْهُ ألسنةٌ تزيدُ و تكذِبُ لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائدٍ في الرِّزقِ بل يشقى الحريصُ و يتعبُ و يظلُّ ملهوفاً يرومُ تحيّلاً و الرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ رغَداً و يُحرَمُ كَيِّسٌ و يُخيَّبُ و ارعَ الأمانةَ ، و الخيانةَ فاجتنبْ و اعدِلْ و لا تظلمْ يَطبْ لكَ مكسَبُ و إذا أصابكَ نكبةٌ فاصبرْ لها من ذا رأيتَ مسلَّماً لا يُنْكبُ و إذا رُميتَ من الزمانِ بريبةٍ أو نالكَ الأمرُ الأشقُّ الأصعبُ فاضرعْ لربّك إنه أدنى لمنْ يدعوهُ من حبلِ الوريدِ و أقربُ كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ إنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُ و احذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ و احذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً و اعلمْ بأنَّ دعاءَهُ لا يُحجَبُ و إذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلدةٍ و خشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا طولاً و عَرضاً شرقُها و المغرِبُ فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي فالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ و يُوهَبُ هذه القصيدة للشاعر صالح عبد القدوس وهو احد شعراء الدولة العباسية هذه القصيدة لم يشتهر منها الا بيت واحد مع ان كل بيت في هذه القصيدة يعادل قصيدة |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|